حكم الأرجل في الوضوء - السيد علي الميلاني - الصفحة ١٤
بالجمل. فدل قوله هذا على أنه ينزه كتاب الله عن هذا التخريج " (1).
وقال العيني: " والنصب يحتمل العطف على الأول على بعد، فإن أبا علي قال: قد أجاز قوم النصب على وجوهكم، وإنما يجوز شبهه في الكلام المعقد وفي ضرورة الشعر... " (2).
وقال الحلبي: " لامتناع العطف على وجوهكم، للفصل بين العاطف والمعطوف عليه بجملة أجنبية هي (وامسحوا برؤوسكم) والأصل أن لا يفصل بينهما بمفرد فضلا عن الجملة. ولم نسمع في الفصيح: ضربت زيدا ومررت ببكر وعمرا بعطف عمرا على زيد " (3).
ولعله لذا اضطر بعضهم أن يجعل الناصب فعلا مقدرا وهو اغسلوا لا بالعطف على وجوهكم. وهو واضح الضعف، لأن الأصل عدم التقدير.
وعلى فرض التسليم بجواز أن يكون عامل النصب اغسلوا فمن الجائز أن يكون هو امسحوا، لكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى كما قال الفخر الرازي (4).
* ومنهم من رأى أن الأخبار وحدها لا تكفي لتقدم قراءة النصب على قراءة الجر، بل لا بد قبل ذلك من إخراج قراءة الجر عن الظهور في المسح، بدعوى اشتراك لفظ " المسح ".
قال القرطبي: " قال النحاس: ومن أحسن ما قيل فيه: أن المسح والغسل واجبان جميعا، فالمسح واجب على قراءة من قرأ بالخفض، والغسل واجب على قراءة من قرأ بالنصب، والقراءتان بمنزلة آيتين. قال ابن عطية: وذهب قوم ممن يقرأ بالكسر إلى أن المسح في الرجلين هو الغسل.
قلت: وهو الصحيح، فإن لفظ المسح مشترك، يطلق بمعنى المسح ويطلق بمعنى الغسل. قال الهروي: أخبرنا الأزهري، أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سعيد الداري عن أبي حاتم عن أبي زيد الأنصاري قال: المسح في كلام العرب يكون غسلا

(١) البحر المحيط ٣ / ٤٣٨.
(٢) عمدة القاري ٢ / ٢٣٨.
(٣) غنية المتملي: ١٦.
(٤) تفسير الرازي ١١ / 161.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»