حكم الأرجل في الوضوء - السيد علي الميلاني - الصفحة ٢٢
(أيديكم) وقيل: معطوف على محل (برؤوسكم) كقوله: (يا جبال أوبي معه والطير) يالنصب. وقيل المسح في الآية محمول لمشروعية المسح على الخفين، فحملوا قراءة الجر على مسح الخفين وقراءة النصب على غسل الرجلين، وقرر ذلك أبو بكر ابن العربي تقريرا حسنا، فقال ما ملخصه:
بين القراءتين تعارض ظاهر، والحكم فيها ظاهره التعارض أنه إن أمكن العمل بهما وجب، وإلا عمل بالقدر الممكن، ولا يتأتى الجمع بين الغسل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة، لأنه يؤدي إلى تكرار المسح، لأن الغسل يتضمن المسح، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار، فبقي أن يعمل بهما في حالين، توفيقا بين القراءتين وعملا بالقدر المكن " (1).
* وقد جنح إلى هذا الوجه جلال الدين السيوطي كما ستعرف، وغير واحد من المتأخرين كالمراغي (2).
أقول:
لكن هذا الحمل يتوقف على ثلاثة أمور:
أحدها: أن تكون قراءة النصب ظاهرة في الغسل بالعطف على الوجه واليدين.
وقد عرفت أنه غير جائز في مثل هذا المقام، أو بتقدير " اغسلوا "، ومن الواضح بطلانه لعدم الاضطرار لي تقديره والأصل عدمه.
والثاني: أن تكون السنة قاضية بوجوب الغسل. وستعرف أنها متعارضة.
والثالث: أن يكون المسح على الخفين في حال الاختيار جائزا، وهذا أول الكلام، فقد أنكر المسح على الخفين جماعة من كبار الصحابة وعلى رأسهم أمير المؤمنين - عليه السلام -، وتبعهم بعض الأئمة. ثم إن أحاديث المسح على الخفين متعارضة كذلك، ولذا اختلف فقهاء القوم فيه على أقوال، فراجع كتبهم الفقهية.
وقد التفت إلى ضعف هذا الوجه غير واحد من علمائهم:

(١) فتح الباري ١ / 215.
(2) تفسير المراغي 6 / 63.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»