حكم الأرجل في الوضوء - السيد علي الميلاني - الصفحة ١٣
* قال ابن العربي - بعد أن ذكر القراءتين والقولين -: " وجملة القول في ذلك: إن الله سبحانه عطف الرجلين على الرأس، فقد ينصب على خلاف إعراب الرأس أو يخفض مثله، والقرآن نزل بلغة العرب، وأصحابه رؤوسهم وعلماؤهم لغة وشرعا، وقد اختلفوا في ذلك، فدل على أن المسألة محتملة لغة محتملة شرعا. لكن تعضد حالة النصب على حالة الخفض بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غسل وما مسح قط، وبأنه رأى قوما تلوح أعقابهم فقال: (ويل للأعقاب من النار) و (ويل للعراقيب من النار). فتوعد بالنار على ترك إيعاب غسل الرجلين، فدل ذلك على الوجوب بلا خلاف، وتبين أن من قال من الصحابة أن الرجلين ممسوحتان لم يعلم بوعيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على ترك إيعابهما.
وطريق النظر البديع: أن القراءتين محتملتان، وأن اللغة تقضي بأنهما جائزتان، فردهما الصحابة إلى الرأس مسحا، فلما قطع بنا حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ووقف في وجوهنا وعيده، قلنا: جاءت السنة قاضية بأن النصب يوجب العطف على الوجه واليدين " (1).
قلت:
أولا: في كلامه إقرار بأن الصحابة قالوا بالمسح وردوا القراءتين إلى الرأس.
وثانيا: في كلامه دعوى أن الصحابة لم يبلغهم وعيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على ترك إيعاب الرجلين، وهذه الدعوى غير مسموعة. إذ كيف لم يبلغ عليا الذي كان معه ليلا ونهارا، وأنسا الذي كان يخدمه، وابن عباس وسائر المسلمين هذا الحكم العام المحتاج إليه في كل يوم؟
وثالثا: إن أخبار " ويل... " على فرض تمامية سندها أدل على جواز المسح منه على منعه، وهذا ما نص عليه ابن رشد وأشار إليه ابن حجر... كما سيجئ في فصل الأهبار، فكان الصحيح أن ينسب إلى الصحابة أنهم فهموا منها المسح فعملوا به، لا أنهم لم يعلموا بالوعيد!!
ورابعا: إن العطف على الوجه واليدين غير جائز، قال أبو حيان: " فيه الفصل بين المتعاطفين بجملة ليست باعتراض بل هي منشئة حكما... قال الأستاذ أبو الحسن ابن عصفور وقد ذكر الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه قال: وأقبح ما يكون ذلك

(١) أحكام القرآن 2 / 72.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»