أقول: الاصطلاح على تقسيم الحديث إلى الصحيح، والحسن، والموثق، والضعيف قد استقر من زمن العلامة وشيخه أحمد بن طاووس.
وأما تقسيمه إلى الصحيح الموثوق به وعدمه فكان رائجا من القرون الأولية.
قال شيخ الطائفة ورئيس فقهاء الامامية الشيخ الطوسي، من علماء القرن الرابع والخامس في كتابه العدة: 53:
إنا وجدنا الطائفة ميزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار، فوثقت الثقات منهم وضعفت الضعفاء، وفرقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ومن لا يعتمد على خبره، ومدحوا الممدوح منهم وذموا المذموم.
وقالوا: فلان متهم في حديثه، وفلان كذاب، وفلان مخلط في المذهب والاعتقاد، وفلان واقفي، وفلان فطحي... وغير ذلك من الطعون التي ذكروها. وصنفوا في ذلك الكتب، واستثنوا الرجال من جملة ما رووه من التصانيف في فهارسهم، حتى أن واحدا منهم إذا أنكر حديثا نظر في إسناده وضعفه بروايته، هذه عادتهم على قديم وحديث لا تنخرم.
وقال في ص 385:
فقال (أي صاحب الوسائل): والفائدة في ذكره (أي السند) دفع تعيير العامة بأن أحاديثهم غير معنعنة، بل منقولة من أصول قدمائهم. وكأن هذا النص الخطير يفيد أيضا أن الاسناد عندهم غير موجود، وأن رواياتهم كانت بلا زمام ولا خطام، حتى شنع الناس عليهم بذلك فاتجهوا حينئذ لذكر الاسناد، فالأسانيد التي نراها في رواياتهم هي صنعت فيما بعد، وركبت على نصوص أخذت من أصول قدمائهم، ووضعت هذه الأسانيد