تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٩٦
فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: * (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط) * (1) فأتى بفعل مستقبل بعد (لما)، ومن شأن ما يأتي بعدها أن يكون ماضيا؟
قلنا: عن ذلك جوابان:
أحدهما: أن في الكلام محذوفا، والمعنى: أقبل يجادلنا أو جعل يجادلنا، وإنما حذفه لدلالة الكلام عليه واقتضائه له.
والجواب الآخر: أن لفظة (لما) يطلب في جوابها الماضي، كطلب لفظة (إن) في جوابها المستقبل. فلما استحسنوا أن يأتوا في جواب (إن) بالماضي، ومعناه الاستقبال، لدلالة (أن) عليه، استحسنوا أن يأتوا بعد (لما) بالمستقبل تعويلا على أن اللفظة تدل على مضيه. فكما قالوا: إن زرتني زرتك، فهم يريدون: إن تزرني أزرك. قالوا: ولما تزرني أزرك، وهم يريدون: لما زرتني زرتك.
وأنشدوا في دخول الماضي في جواب (إن) قول الشاعر:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا * مني وما سمعوا من صالح دفنوا (2) [من البسيط] وقول (3) الآخر في دخول المستقبل جوابا بالماضي:

(١) سورة هود: ٧٤.
(٢) البيت لقعنب بن ضمرة، وكان في أيام الوليد بن عبد الملك.
ذكر البيت في: مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1 / 177.
(3) في " م ": وقال، وفي " ع ": وفي قول.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»