مما يكتسبه الانسان ويختاره، وإنما ذلك موقوف على فعل الله تعالى فيه. ولهذا ربما يكون للرجل عدة أولاد فيحب أحدهم دون غيره، وربما يكون (1) المحبوب دونهم (2) في الجمال والكمال. وقد قال الله تعالى: * (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) * (3) وإنما أراد ما بيناه من ميل النفس الذي لا يمكن للانسان أن يعدل فيه بين نسائه، لأن ما عدا ذلك من البر والعطاء والتقريب وما أشبهه، يستطيع الانسان أن يعدل [فيه] بين النساء.
فإن قيل: فكأنكم [قد] نفيتم عن يعقوب (عليه السلام) القبيح والاستفساد وأضفتموهما إلى الله تعالى، فما الجواب عن المسألة على (4) هذا الوجه؟
قلنا: عنها جوابان:
أحدهما: [انه] لا يمتنع أن يكون الله تعالى علم أن إخوة يوسف (عليه السلام) سيكون بينهم ذلك التحاسد والفعل القبيح على كل حال، وإن لم يفضل يوسف (عليه السلام) عليهم في محبه أبيه له، وإنما يكون ذلك استفسادا إذا وقع عنده الفساد وارتفع عند ارتفاعه، ولم يكن تمكينا.
والجواب الآخر: ان يكون [ذلك] جاريا مجرى الامتحان (5) والتكليف الشاق، لأن هؤلاء الإخوة متى امتنعوا من حسد أخيهم، والبغي عليه، والاضرار به، وهو غير مفضل عليهم ولا مقدم لا يستحقون من الثواب ما