تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٦٦
فلما رأى الكواكب (1) - وقد روي في التفسير (2) أنه [رأى] الزهرة - وأعظمه ما رآها عليه من النور وعجيب الخلق، وقد كان قومه يعبدون الكواكب ويزعمون أنها آلهة. قال: * (هذا ربي) * على سبيل التفكر (3) والتأمل لذلك، فلما غابت وأفلت وعلم أن الأفول لا يجوز على الإله، علم أنها محدثة متغيرة منتقلة. وكذلك كانت حاله في رؤية القمر والشمس، وانه لما رأى أفولهما قطع على حدوثهما واستحالة إلهيتهما، وقال [في] آخر الكلام: * (يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا - مسلما - وما أنا من المشركين) * (4). وكان هذا القول منه عقيب معرفته بالله تعالى، وعلمه بأن صفات المحدثين لا تجوز عليه تعالى.
فإن قيل: كيف يجوز أن يقول (عليه السلام): * (هذا ربي) *، مخبرا، وهو غير عالم بما يخبر به، والاخبار بما لا يأمن المخبر أن يكون كاذبا فيه قبيح. وفي حال كمال عقله ولزوم النظر [له] لا بد من أن يلزمه التحرز من الكذب، وما جرى مجراه من القبيح؟
قلنا: عن هذا جوابان:
أحدهما: انه لم يقل ذلك مخبرا، وإنما قاله فارضا ومقدرا على سبيل الفكر والتأمل، ألا ترى انه قد يحسن من أحدنا إذا كان ناظرا في شئ

(١) في م: الكوكب.
(٢) انظر: تفسير التبيان: ٤ / ١٨٣، مجمع البيان: ٤ / ٩٣، الدر المنثور: ٣ / ٣٠٤.
(٣) في " ش، ع ": الفكر.
(٤) سورة الأنعام: ٧٨ - 79.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»