قائم المهدي صلوات الله عليه [بيان الوجه غيبته (عليه السلام):] مسألة: إن قال قائل: فما الوجه في غيبته (عليه السلام) واستتاره على الاستمرار والدوام حتى أن ذلك قد صار سببا لنفي ولادته وإنكار وجوده؟ وكيف يجوز أن يكون إماما للخلق وهو لم يظهر قط لأحد منهم، وآباؤه (عليهم السلام) وإن كانوا غير آمرين فيما يتعلق بالإمامة ولا ناهين، فقد كانوا ظاهرين بارزين يفتون في الأحكام، ويرشدون عند المعضلات، لا يمكن أحد نفي وجودهم وإن نفى إمامتهم؟
الجواب: قلنا: أما الاستتار والغيبة فسببهما إخافة الظالمين له (عليه السلام) على نفسه، ومن أخيف على نفسه فقد أحوج إلى الاستتار، ولم تكن الغيبة من ابتدائها على ما هي عليه الآن، فإنه (عليه السلام) في ابتداء الأمر كان ظاهرا لأوليائه، غائبا عن أعدائه، ولما اشتد الأمر، وقوي الخوف، وزاد الطلب، استتر عن (1) الولي والعدو، فليس ما ذكره السائل من أنه لم يظهر لأحد من الخلق صحيحا.
فأما كون ذلك سببا لنفي ولادته (عليه السلام) فلم يكن سببا لشئ من ذلك إلا بالشبهة، وضعف البصيرة، والتقصير عن النظر الصحيح، وما كان التقصير داعيا إليه والشبهة سبب من الاعتقادات، وعلى الحق فيه دليل واضح باد لمن أراده، ظاهر لمن قصده، ليس يجب المنع في دار التكليف والمحنة منه، ألا ترى أن تكليف الله تعالى من علم أنه يكفر قد صار سببا لاعتقادات كثيرة باطلة،