وقد استقصينا هذا المعني في كتابنا الشافي في الإمامة (أ) وأوضحناه.
ثم نقول من بعد [ذلك]: إن الحق في زماننا هذا على ضربين: عقلي وسمعي، فالعقلي ندركه بالعقل ولا يؤثر فيه وجود الإمام ولا فقده. والسمعي إنما ندركه (1) بالنقل الذي في مثله الحجة. ولا حق علينا يجب العلم به من الشرعيات إلا وعليه دليل شرعي، وقد ورد النقل به عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة من ولده صلوات الله عليهم، فنحن نصيب الحق بالرجوع إلى هذه الأدلة والنظر فيها. والحاجة مع ذلك كله إلى الإمام [فيها] ثابتة، لأن الناقلين يجوز أن يعرضوا عن النقل إما لشبهة أو اعتقاد (2) فينقطع النقل أو يبقى فيمن ليس نقله حجة ولا دليل، فيحتاج حينئذ المكلفون [بما نقل إليهم] إلى دليل هو قول الإمام وبيانه، وإنما يثق المكلفون بما نقل إليهم، وأنه جميع الشرع لعلمهم بأن وراء هذه النقل إماما متى اختل استدرك [وبين] عما شذ منه، فالحاجة إلى الإمام ثابتة مع إدراك الحق في حال (3) الغيبة من الأدلة الشرعية على ما بيناه.
[في بيان علة استتاره (عليه السلام):] مسألة: فإن قيل: إذا كانت العلة في استتار الإمام خوفه من الظالمين واتقائه من المعاندين فهذه العلة زائلة في أوليائه وشيعته، فيجب أن يكون ظاهرا لهم، أو يجب أن يكون التكليف الذي [أوجب] إمامته لطفا فيه ساقطا عنهم، لأنه لا يجوز أن يكلفوا بما فيه لطف لهم ثم يحرموه بجناية غيرهم.