تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٣٧
قوله تعالى له: صدقت في انك رسولي ومؤد عني (1). فلابد من أن يكون هذا المعجز مانعا من كذبه على الله سبحانه في ما يؤديه [عنه]، لأنه تعالى لا يجوز أن يصدق الكذاب، لأن تصديق الكذاب قبيح، كما (2) ان الكذب قبيح، فأما الكذب في غير ما يؤديه عن الله وسائر الكبائر فإنما دل المعجز على نفيها، من حيث كان دالا على وجوب اتباع الرسول وتصديقه فيما يؤديه، وقبوله منه، لأن الغرض في بعثة الأنبياء (عليهم السلام) وتصديقهم بالأعلام المعجزة (3) هو أن يمتثل ما يأتون به، فما قدح في الامتثال والقبول وأثر فيهما يجب أن يمنع المعجز منه.
فلهذا قلنا: إنه يدل على نفي الكذب والكبائر عنهم في غير ما يؤدونه [عن الله] بواسطة، وفي الأول يدل بنفسه.
فإن قيل: لم يبق إلا أن تدلوا على أن تجويز الكبائر يقدح فيما هو

(١) روى في تحف العقول: ٤٧٨ قائلا: وأما قوله: * (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب) * [سورة يونس: ٩٤] فإن المخاطب به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يكن في شك مما انزل إليه، ولكن قالت الجهلة: كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة؟ إذ لم يفرق بين نبيه وبيننا في الاستغناء عن المآكل والمشارب والمشي في الأسواق، فأوحى الله تعالى إلى نبيه (صلى الله عليه وآله): * (فاسأل الذين يقرؤون الكتاب) * بمحضر الجهلة، هل بعث الله رسولا قبلك إلا وهو يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ولك بهم أسوة، وإنما قال: * (فإن كنت في شك) * ولم يكن شك ولكن للنصفة كما قال: * (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * [سورة آل عمران: ٦١] ولو قال:
عليكم لم يجيبوا إلى المباهلة، وقد علم الله تعالى أن نبيه (صلى الله عليه وآله) يؤدي عنه رسالاته وما هو من الكاذبين، فكذلك عرف النبي أنه صادق فيما يقول، ولكن أحب أن ينصف من نفسه.
وانظر: تفسير العياشي: ١ / ١٧٦ ح ٥٥، علل الشرائع: ١٢٩ ح ١، بحار الأنوار: ١٧ / 89، وج 21 / 342 ح 9، وج 35 / 288، وج 50 / 166.
(2) في " ع ": كما قلنا.
(3) في " ش، ع ": المعجز.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»