إسقاط شئ يستحقه من العقاب، ولهذا جوزوا التوبة من الصغائر وإن لم تكن مؤثرة في إسقاط ذم ولا عقاب.
فإن قيل: الظاهر من القرآن بخلاف ما ذكرتموه، لأنه أخبر (1) ان آدم (عليه السلام) منهي عن أكل الشجرة بقوله: * (ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) * (2) وبقوله: * (ألم أنهكما عن تلكما الشجرة) * (3)؟ وهذا يوجب أنه (عليه السلام) عصى (4) بأن فعل منهيا عنه ولم يعص بأن (5) ترك مأمورا به.
قلنا: أما النهي والأمر معا فليسا يختصان عندنا بصيغة ليس فيها احتمال ولا اشتراك، وقد يؤمر عندنا بلفظ النهي وينهى بلفظ الأمر، فإنما يكون النهي نهيا بكراهة المنهي عنه [والأمر أمرا بإرادة المأمور به] فإذا قال تعالى: * (ولا تقربا هذه الشجرة) *، ولم يكره قربها، لم يكن في الحقيقة ناهيا (6)، كما أنه تعالى لما قال: * (اعملوا ما شئتم) * (7) * (وإذا حللتم فاصطادوا) * (8)، ولم يرد ذلك، لم يكن أمرا. فإذا كان قد صح قوله: * (ولا تقربا هذه الشجرة) * إرادة لترك التناول، فيجب أن يكون هذا القول أمرا، وإنما سماه منهيا [عنه]، وسمى أمره [له في الآية] بأنه نهي من حيث كان فيه معنى النهي، لأن [في] النهي ترغيب في