تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٤١
النبوة وقبلها؟
قلنا: الطريقة في نفي الصغائر في الحالتين هي الطريقة في نفي الكبائر في الحالتين عند التأمل، لأنا كما نعلم أن من نجوز كونه فاعلا لكبيرة متقدمة قد تاب منها وأقلع عنها ولم يبق معه شئ من استحقاق عقابها وذمها، لا يكون سكوننا إليه كسكوننا إلى من لا نجوز عليه ذلك.
وكذلك نعلم أن من نجوز عليه [الصغائر] من الأنبياء (عليهم السلام) أن يكون مقدما على القبائح مرتكبا للمعاصي في حال نبوته أو قبلها، وإن وقعت مكفرة لا يكون سكوننا إليه كسكوننا إلى من نأمن منه كل القبائح ولا نجوز عليه فعل شئ منها.
فأما الاعتذار في تجويز الصغائر بأن العقاب والذم عنها ساقطان (1) فليس بشئ، لأنه لا معتبر في باب التنفير بالذم والعقاب حتى يكون التنفير واقعا عليهما، ألا ترى ان كثيرا من المباحات منفر ولا ذم عليه ولا عقاب، وكثيرا من الخلق والهيئات منفر وهو خارج عن باب الذم؟ على أن هذا القول يوجب على قائله تجويز الكبائر عليهم قبل البعثة، لأن التوبة والاقلاع قد أزالا الذم والعقاب اللذين يقف التنفير على هذا القول عليهما.
فإن قيل: كيف تنفر الصغائر وإنما حظها تقليل الثواب وتنقيصه؟ لأنها بكونها صغائر قد خرجت من اقتضاء الذم والعقاب، ومعلوم أن قلة الثواب غير منفرة. ألا ترون ان [كثيرا] من الأنبياء (عليهم السلام) قد يتركون كثيرا من النوافل مما لو فعلوه لاستحقوا كثيرا من الثواب، ولا يكون ذلك منفرا عنهم؟

(1) في " ش ": ساقط.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»