تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٣٧
* (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا) * (1) فالفتح القريب هاهنا هو فتح خيبر.
وأما حمل الفتح على القضاء الذي قضاه في الحديبية فهو خلاف الظاهر، ومقتضى الآية، لأن الفتح بالإطلاق الظاهر منه الظفر والنصر، ويشهد بأن المراد بالآية ما ذكرناه قوله تعالى: * (وينصرك الله نصرا عزيزا) * (2).
فإن قيل: ليس يعرف إضافة المصدر إلى المفعول إلا إذا كان المصدر متعديا بنفسه، مثل قولهم: " أعجبني ضرب زيد عمرا " وإضافة مصدر غير متعد إلى مفعوله غير معروفة.
قلنا: هذا تحكم في اللسان وعلى أهله، لأنهم في كتب العربية كلها أطلقوا أن المصدر يضاف إلى الفاعل و [إلى] المفعول معا، ولم يستثنوا متعديا من غيره، ولو كان بينهما فرق لبينوه وفصلوه كما فعلوا [ذلك] في غيره، وليس قلة الاستعمال معتبرة في هذا الباب، لأن الكلام إذا كان له أصل في العربية استعمل عليه، وإن كان قليل الاستعمال، وبعد: فإن ذنبهم هاهنا إليه إنما هو صدهم له عن المسجد الحرام ومنعهم إياه عن دخوله، فمعنى الذنب متعد، وإذا كان معنى المصدر متعديا جاز أن يجري [مجرى] ما يتعدى بلفظه، فإن من عادتهم أن يحملوا الكلام تارة على معناه وأخرى على لفظه، ألا ترى إلى قول الشاعر:
جئني بمثل بني بدر لقومهم * أو مثل إخوة منظور بن سيار

(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»