يجوز أن يقصد إلى شئ من الضرر، وإنما وقعت الوكزة وهو لا يريدها، وإنما أراد التخليص، فأدى ذلك إلى الوكزة والقتل.
ووجه آخر: وهو ان الله تعالى كان عرف موسى (عليه السلام) استحقاق القبطي للقتل بكفره، وندبه إلى تأخير قتله إلى حال التمكن، فلما رأى موسى (عليه السلام) منه الاقدام على رجل من شيعته تعمد قتله تاركا لما ندب إليه من تأخير قتله.
وأما قوله: * (هذا من عمل الشيطان) * ففيه وجهان:
أحدهما: انه أراد أن تزيين (1) قتلي له وتركي لما ندبت إليه من تأخيره وتفويتي (2) ما أستحقه عليه من الثواب، من عمل الشيطان.
والوجه الآخر: انه يريد (3) أن عمل المقتول [من] عمل الشيطان، مفصحا بذلك عن خلافه لله تعالى واستحقاقه للقتل.
وأما قوله: * (رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي) *، فعلى معنى قول آدم (عليه السلام): * (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) * (4) والمعنى أحد وجهين: إما على سبيل الانقطاع والرجوع إلى الله تعالى والاعتراف بالتقصير عن حقوقه ونعمه (5) وإن لم يكن هناك ذنب، أو من حيث حرم نفسه الثواب المستحق بفعل الندب.
وأما قوله: * (فاغفر لي) * فإنما أراد به: فاقبل مني هذه القربة والطاعة