تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ١٢٥
1 - [تنزيه يوسف (عليه السلام) عن محبة المعصية:] مسألة: فإن قيل: كيف يجوز أن يقول يوسف (عليه السلام): * (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) * (1)، ونحن نعلم أن سجنهم له معصية [ومحنة]، كما أن ما دعوه إليه معصية، ومحبة المعصية عندكم لا تكون إلا قبيحة؟
الجواب: قلنا: في تأويل هذه الآية جوابان:
أحدهما: انه أراد بقوله: * (أحب إلي) * أخف علي (2) وأسهل، ولم يرد المحبة التي هي الإرادة على الحقيقة. وهذا يجري مجرى أن يخير أحدنا بين فعلين ينزلان به ويكرههما ويشقان عليه فيقول في الجواب: كذا أحب إلي، وإنما يريد ما ذكرناه من السهولة والخفة.
والوجه الآخر: انه أراد أن توطيني نفسي وتصبيري لها على السجن أحب إلي من مواقعة المعصية.
فإن قيل: هذا خلاف الظاهر، لأنه مطلق وقد أضمرتم فيه.
قلنا: لا بد من مخالفة الظاهر، لأن السجن نفسه لا يجوز أن يكون مرادا ليوسف (عليه السلام)، وكيف يريده وإنما السجن البنيان المخصوص، وإنما يكون الكلام ظاهره يخالف ما قلناه، إذا قرئ: رب السجن - بفتح السين - وإن كانت هذه القراءة أيضا محتملة للمعنى الذي ذكرناه، فكأنه أراد أن سجني نفسي عن المعصية أحب إلي من مواقعتها. فرجع معنى السجن إلى فعله دون أفعالهم، وإذا كان الأمر على ما ذكرناه، فليس للمخالف أن يضمر في الكلام ان كوني في

(١) سورة يوسف: ٣٣.
(2) في " ش ": إلي - خ -.
(١٢٥)
مفاتيح البحث: الجواز (2)، سورة يوسف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»