فالإرادة هنا متضمنة للأمر والمحبة والرضا، وليست هي المشيئة المستلزمة لوقوع المراد، فإنه لو كان كذلك لكان قد طهر كل من أراد طهارته. وهذا على قول هؤلاء القدرية الشيعة أوجه، فإن عندهم أن الله يريد ما لا يكون! ويكون ما لا يريد!
فقوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) إذا كان هذا بفعل المأمور وترك المحظور كان ذلك متعلقا بإرادتهم وأفعالهم، فإن فعلوا ما أمروا به طهروا وإلا فلا.
وهم يقولون: إن الله لا يخلق أفعالهم ولا يقدر على تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم، وأما المثبتون للقدر فيقولون: إن الله قادر على ذلك، فإذا ألهمهم فعل ما أمر وترك ما حظر حصلت الطهارة وذهاب الرجس.
ومما يبين أن هذا مما أمروا به لا مما أخبروا بوقوعه: ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم أدار الكساء على علي وفاطمة وحسن وحسين ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه عن عائشة، ورواه أهل السنن عن أم سلمة.
وهو يدل على ضد قول الرافضة من وجهين:
أحدهما: أنه دعا لهم بذلك. وهذا دليل على أن الآية لم تخبر بوقوع ذلك، فإنه لو كان قد وقع لكان يثني على الله بوقوعه ويشكره على ذلك، ولا يقتصر على مجرد الدعاء به.
الثاني: إن هذا يدل على أن الله قادر على إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم، وذلك يدل على أنه خالق أفعال العباد.
ومما يبين أن الآية متضمنة للأمر والنهي قوله في سياق الكلام: (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة... إنما يريد الله ليذهب...)