وغيرها من المدن الأخرى من أهل العلم وطلابه إلا القليل ممن يقعده العجز، أو ينقصه العزم، أو لا يجد في نفسه الطموح.
وكم سمعنا آهات الحسرة والاشتياق إلى النجف ومرابعها ممن قهرته الظروف وأرغمته على مغادرتها.
وحسبك أن في النجف باب مدينة العلم، ومنبع الفيض والعطاء، وإمام المتقين أمير المؤمنين (عليه السلام)، وإن في جوار المرتضى معنى لا يحوم حوله البيان.
وأما اختصاص مدينة قم عما عداها من سائر المدن باحتضان العلم والعلماء فلعله يعود إلى خصوصية في أرض قم كما كشفت عنها الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) - كما سيأتي - إضافة إلى ما تتمتع به هذه المدينة المقدسة من الأصالة والعراقة في ولاء أهل البيت (عليهم السلام)، فإنها كانت إحدى قلاع التشيع عبر القرون.
ويرجع الوجود الشيعي في هذه المدينة إلى الربع الأخير من القرن الهجري الأول يوم استوطنها الأشعريون فرارا من ظلم بني أمية في الكوفة ونواحيها.
جاء في دائرة المعارف الإسلامية الشيعية: وقصة ذلك أنه بعد أن قتل الحجاج بن يوسف الثقفي في العراق، محمد بن سائب الأشعري، وكان عميدا لقبيلة الأشاعرة، أخذت النكبات (تنزل) تترى على هذه القبيلة من قبل الحجاج وسائر عمال الدولة الأموية، فاعتزم رؤساؤها