ورجال الفكر فيها على ترك أرض العراق بأفراد قبيلتهم قاصدين ناحية أصفهان من إيران.
ولما كان من أكبر رؤساء هذه القبيلة الشقيقان عبد الله والأحوص ابنا سعد بن مالك الأشعري، وكانا في سجن الحجاج الذي أضطر إلى إطلاق سراحهما تحت ظروف سياسية قاهرة، ملزما إياهما البقاء في الكوفة.
ولما كان هذان الشقيقان يشعران بأن مصيرهما سيكون مصير بقية رجال الشيعة، فقد تركا الكوفة تحت جنح الظلام متنكرين، واتجها نحو أصفهان يرافقهما شطر كبير من رجال قبيلتهما الأشاعرة، ونزلوا على ضفاف نهر قم.
وفي اليوم الثاني من نزولهما هذه الأرض شاهد بعض رجال قبيلة الأشاعرة أن سكان هذه المنطقة الأصليين يدخلون مواشيهم في قلاع عالية الجدران ويغلقون عليها أبواب القلاع ومنافذها.
ولما سألوهم عن سبب ذلك أجابوهم خوفا من غزو عشائر الديلم التي تغزوهم كل سنة في مثل هذا الموسم فتنهب وتقتل، وقد وصلت هذه العشائر في غزوها الآن إلى بضعة فراسخ من هذه القرية.
وحينما سمع الأحوص ذلك نادى في رجال قبيلته برد غزو عشائر الديلم، وأن على رجال القبيلة الدفاع عن مواشيهم ونسائهم وأطفالهم الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ولا قلعة لهم يصونون بها