فلما خرجت منه تأملت هنيئة وعرض لي عطش فشربت الماء، فعرض لي اختلاط، فوقعت على الأرض، فكأنه كان على ظهري جبل فحط عني، وخرج نفخ بدني، وبدل اصفرار وجهي إلى الحمرة، ولم يبق في أثر من المرض، فرجعت إلى بغداد لأخذ مؤنتي من مالي، فاطلع أهلي وأقاربي، فأخذوني وذهبوا بي إلى بيت فيه جماعة فيها أمي، فقالت لي: سود الله وجهك، ذهبت وكفرت، فقلت: ترين ما بقي من مرضي أثر، فقالت: هذا من السحر، ونظر سفير الدولة الانگليزية إلى عمي، وقال: إذن لي أن أؤدبه، فإنه قد كفر اليوم، وغدا يكفر جميع طائفتنا، فأمر بي فجردوني واضجعوني وضربوني بالآلة المعروفة بقرباچ، وهو مشتمل على شعب من السيم الموضوعة على رأسه شبه الأبر، فجرى الدم من أطراف بدني، ولكن لم يؤثر فيه من جهة الوجع والألم، إلى أن وقعت أختي نفسها علي فكفوا عني، وقالوا لي: اقبل على شأنك، فرجعت إلى الكاظمين (عليهما السلام)، ودخلت على الشيخ المعظم فلقنني الشهادتين، وأسلمت على يديه، فلما كان وقت العصر بعث المتعصب العنيد (نامق باشا) رسولا إلى الشيخ ومعه كتاب فيه:
إن رجلا أتى إليك ليسلم، وهو من رعايانا وتبعة الإفرنج، فلا بد أن يسلم عند القاضي، فأجابه: إن الذي ذكرته أتى عندي ثم ذهب لشأنه، وأخفاني وبعثني إلى كربلاء، واختتنت هناك، وزرت المشهد الغروي، ورجعت، ثم بعثني مع رجل صالح من أهل اصطهبانات من توابع شيراز إلى العجم، وكنت في القرية المذكورة سنة، فلما دخلت بلد الكاظم (عليه السلام) تحرك في عرق الرحم، واشتقت إلى لقائهم، وذكرت