مما لم تبلغ له قوى الناس وقدراتهم، فعجزوا عنه وعن مثله، ومن أجله سميت المعجزة بالمعجزة ومما كان فيه إظهارا للمنزلة والمكانة، ومن أجله سميت الكرامة بالكرامة.
وليست المعجزة أو الكرامة أمرا مستحيلا، وقد اعترف الفلاسفة بذلك، بل ذكروا أن لها أصولا ثلاثة (1)، قرروا فيها إمكان ذلك بل وقوعه، على ما شرحوه في كتبهم وأقاموا عليه أدلتهم.
ولسنا بحاجة - بعد القرآن الكريم والروايات المتواترة عن المعصومين (عليهم السلام) - إلى ما ذكروه إلا بعنوان المؤيد لهذه الحقيقة الثابتة، فإن كتاب الله تعالى وروايات أهل البيت (عليهم السلام) قد تكفلت ببيانها بما لا تدع مجالا للريب أو التشكيك.
ويأتي الحبيب المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في المرتبة الأولى الذي كان في قربه من الله تعالى ك " قاب قوسين أو أدنى " والذي هو المجلى الأتم لاسم الله الأعظم، والذي ما عرفت ولن تعرف البشرية في تاريخها شخصا في عظمته وكماله ومقامه كالنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا أن يكون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإنهما من نور واحد ويتلوه في المرتبة.
وإنه لمن قصور البيان بل من سوء الأدب أن يقرن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو يقاس بسائر الناس، وأنى للناس أن يدركوا مقامه وهو القائل (صلى الله عليه وآله وسلم):
" كنت نبيا وآدم بين الماء والطين " (2) " علي مني وأنا منه " (3).