أضف إلى ذلك ما تجلى من سيرتهم (عليهم السلام) التي كانت مثالا لسيرة جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكانوا بذلك مهوى الأفئدة وملتقى القلوب، فإنهم القادة إلى الصراط المستقيم.
غير أن الأمة - ويا للأسف - تنكرت لهم وتنكبت طريقهم، فما عرفت لهم فضلا، ولا رعت لهم حقا، وعاشوا غرباء، ورحلوا غرباء، وهكذا شأن الأولياء والصديقين يعيشون في غربة ويرحلون في غربة لا يعرف لهم قدرا ولا مقاما.
ولم يكن هناك إلا ثلة قليلة حظيت بشرف الاعتقاد بإمامتهم، والاقتداء بهم والسير على خطاهم، وهم شيعتهم الذين استنارت بصائرهم بولايتهم ومحبتهم، فكانوا هم الفائزين.
ثم إن من أجلى مظاهر الود ومراعاة المودة لدى الشيعة الإمامية تجاه أئمتهم (عليهم السلام) تعاهد مواطنهم ومواضع مراقدهم بالزيارة، وتجديد العهد بالولاء والمحبة يستسهلون في الوصول إليهم كل عسير، ويستمرؤن كل خطير، فقد جعل الله تعالى تلك المواطن المطهرة بيوتا أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
ومع أن الزيارة تتحقق من البعد، فقد ورد أنهم يبلغهم السلام (1)، إلا أن الأئمة (عليهم السلام) قد أكدوا على شيعتهم في السعي إلى مقاماتهم المشرفة لما يترتب على ذلك من الفوائد العظيمة.