المأمون، وإذا كان الإمام (عليه السلام) قد أبى الخلافة فإنه لم يكن له بد من قبول ولاية العهد، وقد كشف الإمام (عليه السلام) سر قبوله لها في حديثه مع الريان بن الصلت الذي قال: دخلت على علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، فقلت له:
يا بن رسول الله يقولون: إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا، فقال (عليه السلام): قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل (1).
ومما يدل على علم الإمام (عليه السلام) بألاعيب المأمون ومخططاته أنه (عليه السلام) واجه المأمون ببعض الحقيقة حين قال له: وإني لأعلم ما تريد، فقال المأمون: وما أريد؟ قال: الأمان على الصدق، قال: لك الأمان، قال:
تريد بذلك أن يقول الناس: إن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة، فغضب المأمون ثم قال: إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه، وقد أمنت سطوتي، فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك، فقال الرضا (عليه السلام): قد نهاني الله تعالى أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك على أني لا أولي أحدا، ولا أعزل أحدا، ولا أنقض رسما ولا سنة، وأكون في الأمر من بعيد مشيرا، فرضي منه بذلك وجعله ولي عهده على كراهية منه (عليه السلام) بذلك (2).