إعلانه، ولم يدركوا أن المأمون يسعى بذلك لتوطيد الحكم وتثبيته عن طريق هذا الإجراء، كما أن فيه توجيه تحذير خفي إلى العباسيين، ومضمونه أن هناك من يعتمد عليهم ويستند إليهم، فيما إذا تخلوا عنه، أو فكروا في القيام بعمل مضاد.
ثم أعقب المأمون ذلك برغبته في استقدام الإمام (عليه السلام) من المدينة إلى عاصمة الدولة، وقد بعث إليه رجاء بن أبي الضحاك لحمل الإمام (عليه السلام) وحدد له طريق المسير بأن يكون على طريق البصرة والأهواز ولا يمر به الكوفة، وفي ذلك غرض أخفاه المأمون ولم يفصح عنه على ما كشفت عنه الأبحاث التاريخية التحليلية وأشارت إلى الأسباب والأهداف من وراء استقدام الإمام (عليه السلام) من المدينة إلى مرو، ومنها الخوف من الرضا (عليه السلام) لشياع أمره في الحرمين، وانتشار ذكره وإقبال الناس عليه، وغيرها من الأمور التي جعلت المأمون يتخذ قرارا حاسما في الحد من هذا الانتشار، وليكون الإمام (عليه السلام) تحت رقابة مفروضة صارمة لا يمكنه الإفلات منها، وليتسنى للمأمون أن ينفذ خططه السياسية المبيتة (1).
حتى إذا وصل الإمام (عليه السلام) إلى مرو عاصمة المأمون وأظهر العناية والاحتفاء به واستقر به المقام عرض المأمون على الإمام أمر الخلافة، فأباها الإمام (عليه السلام) أشد الإباء، وكان الإمام (عليه السلام) على بصيرة بما يخطط له