وأما اللاتي تركتهن، فوددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيرا كنت ضربت عنقه، فإنه تخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه...) (1).
وأوصى أبو بكر بالأمر إلى عمر بن الخطاب بالرغم من اعتراض أعلام الصحابة، محتجا بكونه خير الناس، فدل ذلك على أن ولايته لم تكن بنص من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا برضا من المسلمين.
وقد كان في عهده من تعطيل الحدود الشرعية وتغيير الأحكام الإلهية ما ليس هنا موضع ذكره، ومن شاء فليراجع الكتب المؤلفة في ذلك، ويكفينا أن نعلم أن عمر هو الذي رمى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالهجر وحال دون كتابته الوصية كما تقدم.
وكان عمر هو الذي طرح فكرة تعيين الخليفة بالشورى، وقد جاء ذلك تفاديا لأن يبايع المسلمون الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، إذ بلغه أن جماعة من أكابر الصحابة يقولون: لو مات عمر لبايعنا علي بن أبي طالب (2).
ولكنه - حيث كان يريد عثمان بن عفان وبني أمية للخلافة - عين ستة أشخاص للشورى، ومن غير مشورة من المسلمين في تعيينهم، وحدد لهم حدودا لا ينتهي الأمر بمقتضاها إلا إلى عثمان.
وبعد تعيين عمر للستة من أهل الشورى أخبرهم عن أنفسهم فقال:
(أما أنت يا زبير فوعق لقس (3)، مؤمن الرضا، كافر الغضب، يوما إنسان،