فهل يحق لنا جرحهم؟ طبقا لهذا الرأي، فإذا قيل يحق فقد انخرمت القاعدة، وإذا قيل لا يحق جرحهم فكيف كان لهم الحق في جرح الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟
تقييدات المازري:
حاول المازري التخفيف من الافراط في تقييم الصحابة، فلم ينسب الجميع إلى العدالة، وإنما وضع قيودا لتقليل عدد الصحابة وتقييد الاطلاق في العدالة، فقال: (لسنا نعني بقولنا: الصحابة عدول، كل من رآه (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما أو زاره لماما أو اجتمع به لغرض وانصرف عن كثب، وإنما نعني به الذين لازموه وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) (1).
وهذه المحاولة هي تراجع موضوعي عن الأصل الذي تبناه الجمهور، وهي قائمة على أسس موضوعية من خلال تتبع حياة الصحابة وسيرتهم الذاتية وما نزل فيهم من آيات وما قيل فيهم من روايات.
الرأي الثاني: ثبوت العدالة في الواقع الخارجي:
يتبنى هذا الرأي ثبوت العدالة في الواقع الخارجي لجميع الصحابة، فلا يوجد من بينهم من ارتكب ما يؤدي إلى فسقه، قال الغزالي: (والذي عليه سلف الأمة وجماهير الخلف: أن عدالتهم معلومة.. إلا أن يثبت بطريق قاطع ارتكاب واحد لفسق مع علمه به، وذلك مما لا يثبت،