شخصية الإنسان في الخارج في قرارها النهائي، وكل هذه العوامل مرتبطة في ظواهرها مع عوامل أخرى كالوراثة والمحيط الاجتماعي التي تؤثر على تلك العوامل تأثيرا إيجابيا أو سلبيا، وبالتالي تؤثر على تحديد شخصية الإنسان، ولذا نرى الصحابة متفاوتين في شخصياتهم، فمنهم من هو في قمة التكامل والسمو، ومنهم من هو في مراتب أدون فأدون، تبعا لتفاوت درجات الإيمان ودرجات الأنس بالعقيدة والفكر، ودرجات الارتباط بالقدوة الصالحة المجسدة للعقيدة والشريعة في واقعها السلوكي، والتفاعل مع المغريات والمثيرات الخارجية اندفاعا وانكماشا، فبعض الصحابة الذين بقي إيمانهم متزعزا قد نكصوا على أعقابهم وارتدوا عن الإسلام، وبعضهم عاد إلى الإيمان بعد ردته خوفا أو طمعا أو استسلاما للأمر الواقع أو قناعة بصحة الرسالة، وبعضهم لم يقاوم جبهة التصدع في شخصيته، فاستسلم للأهواء واستجاب للمغريات الخارجية كحب الرئاسة وحب المال، فانحرف عن الاستقامة في موقفه وسلوكه العملي، ولذا جاءت الروايات في مقام التحذير من الانحراف والنكوص والتردد، وجاء بعضها في مقام الذم والتقريع لمواقف سلوكية اتخذها بعض الصحابة في مراحل حياتهم.
من آثار الجاهلية:
في أحد الأيام قام أحد الكفار بتذكير نفر من الصحابة من الأوس والخزرج بقتلاهم في الجاهلية، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار في يوم بعاث، وهو اليوم الذي اقتتل فيه الأوس والخزرج، فهاجتهم تلك الأشعار وتنازعوا وتفاخروا، وغضبوا جميعا، فخرجوا إلى الحرة ومعهم السلاح، وقبل بدء القتال خرج إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: