وكان من تعذيب المشركين إياهم (يضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى لا يقدر أن يستوي جالسا من شدة الضر الذي نزل به) (1).
وكان الصحابة الأوائل يتقاسمون العذاب والأذى بإيمان واطمئنان بلا تضعضع ولا تراجع ولا هزيمة روحية، ولم يزدهم العذاب إلا إصرارا على الإيمان ثباتا على طريق الهدى، وكان شعارهم (أحد أحد)، وحينما اشتد الأذى والعذاب أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالهجرة إلى الحبشة، فهاجروا فرارا بدينهم.
واشتد الأذى والعذاب على من بقي من الصحابة في مكة إلى أن شاء الله عز وجل أن يأذن لهم بالنصر المؤزر بعد حصارهم في شعب أبي طالب (رضي الله عنه) ثلاث سنوات، ثم امتدت الدعوة الإسلامية - بعد ذلك - وانضوى تحت لوائها عدد من أهل المدينة، فبايعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في العقبة على السمع والطاعة وعلى أن يؤمنوا له الحماية اللازمة كما يحامون عن أبنائهم ونسائهم، وعلى حرب من يحاربه مهما كان انتماؤه (2).
وعاهدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على إيواء المهاجرين ونصرتهم، فأذن (صلى الله عليه وآله وسلم) بهجرة من بقي معه في مكة إلى المدينة، وعلى أثر ذلك تعرض الكثير منهم إلى عنت المشركين واضطهادهم (3)، وما أن وصلوا إلى يثرب حتى آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين المهاجرين والأنصار، فجعل لكل مهاجر أخا من