بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المركز الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، وبعد:
فإنه ما زال الكثير من قضايا الفكر والتاريخ يقرأ وفق إسقاطات الذات والمواقف المسبقة، بعيدا عن قوانين النقد العلمي وموازين البحث الموضوعي وضوابطه.
وبالرغم من أننا جميعا - كمسلمين - نؤمن بقوله تعالى: * (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا) * ونعلم أن الرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه الكريم، والرد إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هما الرجوع إلى سنته الشريفة، بالرغم من ذلك فإننا في غالب البحوث من هذا النوع نلاحظ غلبة الأسلوب الانتقائي الخاضع لهيمنة الذات والمواقف المسبقة نفسها، إذ يذهب أكثر الباحثين إلى انتقاء النصوص التي يمكنه أن يسند فيها موقفه ورأيه، دون النظر إلى النصوص الأخرى المشتركة في الموضوع نفسه، والتي تشكل مع النصوص السابقة الصورة المتكاملة للموضوع.
فالذي اتخذ موقفا مؤيدا للسلطان - مثلا - ويحرم الخروج عليه وإن كان ذلك السلطان جائرا وفاسقا، تراه يذهب إلى الإحتجاج بالحديث الشريف الذي يقول:
(من فرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان)، ونظائر هذا، دون أن يلتفت إلى الأحاديث الأخرى، من قبيل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه، فقتله) وأمثاله التي جاءت لتبين مفاد الأحاديث الأولى وترسم حدودها.
والذي يذهب إلى القول بالتجسيم تراه يقتصر على متشابه القرآن والسنة الذي يفيد ظاهره بعض معاني التجسيم، دون الالتفات إلى المحكم الذي يوجه تلك الظواهر ويصرفها من الحقيقة إلى المجاز.