الفصل الرابع الصحابة في التأريخ للصحابة الذين آمنوا بالله ورسوله حقا دور كبير في انتصار الإسلام واستمرار وجوده ودوره في قيادة البشرية، فهم الطليعة التي واكبت مسيرة الرسول منذ انطلاقها، فقد آمن به وصدقه عدد من الصحابة في مرحلة من أشد المراحل عليه، حيث تكالبت عليه قوى الكفر والشرك والطغيان وطوقوا دعوته من كل جانب، فلم يجد له ناصرا إلا الصفوة من الصحابة، حيث خرجوا عن المألوف من العقائد والأعراف والتقاليد الجاهلية وانضووا تحت لواء الإسلام وقيادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دون أن ينتظروا جزاءا دنيويا أو عرضا من أعراض الدنيا، آمنوا بالله وبرسوله إيمانا حقيقيا في وقت كان الإسلام ضعيفا تحيطه الأعداء من كل حدب وصوب، لا يجدون ناصرا لهم ولا معينا يساندهم ويدفع عنهم إلا الله، ولا يجدون القوة التي يواجهون فيها الطغيان سوى قوة الإيمان بالله ورسوله. فتجاوزوا الواقع الجاهلي ولم يعبئوا بما حولهم من قبائل وشعوب وأمم غارقة في الجهل والانحراف والرذيلة، وكان الأمل بالنصر يراود أفكارهم ومشاعرهم ليغيروا الأرض ومن فيها، ويجعلوا الإسلام في موقعه الريادي في حياة البشرية، وتحملوا من أجل ذلك أصناف العذاب.
(٧٥)