يا عبد الله فأمرتني بما هو لي في آخرتي وأسلم لي في ديني، وأما أنت يا محمد فأمرتني بما هو خير لي في دنياي، وشر لي في آخرتي) (1).
وأشار عليه غلامه وردان بالقول: (اعتركت الدنيا والآخرة على قلبك، فقلت مع علي الآخرة بلا دنيا، ومع معاوية الدنيا بغير آخرة... أرى أن تقيم في منزلك، فإن ظهر أهل الدين عشت في عفو دينهم، وإن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك)، فقال ابن العاص: (الآن حين شهرتني العرب بمسيري إلى معاوية؟) (2).
لم يترك الرجلان إذن مجالا لتأويل أفعالهما، بعد أن أفصحا عما في الضمائر والنوايا، فهل تكلف التأويل بعد كل هذه الاعترافات إلا تمحل وعصبية؟!
الرأي الخامس: الرأي المعتدل:
يرى أصحاب هذا الرأي أن حال الصحابة كحال غيرهم من حيث العدالة، ففيهم العادل والفاسق، فليس كل من صحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان عادلا، وليس للصحبة دور في عدالة الصحابي ما لم يجسد سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سلوكه ومواقفه، فالملاك هو السيرة العملية، فمن تطابقت سيرته مع المنهج الإسلامي فهو عادل، ومن خالف المنهج الإسلامي فهو غير عادل.
وهذا هو الرأي المعتدل المطابق للواقع الموضوعي الذي أشار إليه