فالحجية: مصدر جعلي مأخوذ من " الحجة " ويقصد بها أثر البرهان والدليل، وهو: الانكشاف والظهور، المستتبع " وجوب العمل على وفقه ولزوم الحركة على طبقه، بحيث يقطع به العذر، ويغلب به الخصم، فكل ما وجدت فيه هذه الآثار فهو " حجة " اصطلاحا ومن ذلك " العلم " الذي هو انكشاف للواقع والحق، فإن كونه موجبا للعمل، وملزما للحركة على طبقه، وقاطعا للعذر، وموجبا للغلبة على الخصم، أمور ثابتة فيه، بذاته، أي بنفسه واستقلالا، ويكفي حصوله ووجوده في ترتبها عليه، من دون توقف على التزام آخر، من حاكم أو آمر، كما أنه ليس لأحد - مهما كان - المنع من كشفه ووضوحه وحجيته، بأي شكل من الأشكال، إلا بإيراد الشبهة في مقابل البديهة أو التشكيك في حصوله.
ومثل هذه الحجة، تحتوي على: الحجية الذاتية، أو الاستقلالية، حيث لا يحتاج إلى ما يعطيه الحجية بالاعتبار والجعل.
وحيث أن الحاكمية التشريعية هي لله جل وعلا، وهذا ثابت بأدلة الإيمان والعقيدة الإسلامية، فما دل على الشريعة من " كتاب الله " تكون حجيتها " ذاتية " كذلك، بعد ثبوت كون ما نزل " وحيا " إلهيا، كما هو الثابت بالنسبة إلى القرآن الموجود بين الدفتين والمتواتر عند المسلمين.
لأن آيات الكتاب الكريم، بعد ثبوت كونها وحيا، تكون كالعلم في الحجية، فما احتوته هو " حكم الله وشريعته " بلا ريب، فتكون حجيته ذاتية بمعنى أنه موجب للعمل، والحركة، وقاطع للعذر، وموجب للغلبة على الخصم. بنفسه وذاته وبمجرد حصوله.
وكذلك ما ثبت كونه " حكما " إلهيا بطرق أخرى موجبة للعلم، كالحس والإلهام، أو التواتر، من طرق العلم، فإن حجيته ذاتية، استقلالية، غير قابلة للجعل إثباتا ولا نفيا.