الثقلان - السيد محسن الحائري - الصفحة ٣٦
ينزلون منزلة الرسول في عصمته، وفي انتخاب الله لهم من بين خلقه، كي لا يعتريها ريب الأوهام والظنون، إذ لا بد من محافظين يقومون بأداء مهمتها ورعايتها، وهم الأئمة عليهم السلام من آله وعترته الذين ذكرهم في " حديث الثقلين " وقرنهم بالكتاب، للدلالة على حجيتها الذاتية، معا، في تحقيق خلود الرسالة وخاتميتها، ولتبقى أحكام السنة إلى جانب أحكام الكتاب معلومة متيقنة متواصلة، تحقيقا لخلود الإسلام كشريعة وتحقق السنة كأمر ملتزم به متفق على اتباعه، كما سنوضحه في الفقرة التالية.
والحاصل: أن " الحجية " في السنة المتبعة، ليست بمعنى الكشف والإظهار والطريقية والدلالة على حكم التشريع، بل هي: ثبوت الشريعة وأحكامها، مثل " حجية العلم " الذي هو الانكشاف والوضوح والظهور، وهو المراد من حجية " كتاب الله ".
فكما أن أحكام الكتاب حجة على العباد يجب العمل بها والالتزام بها فكذلك أحكام السنة حجة، والرسول حاكم كما أن الله حاكم، إلا أن الله تعالى هو الأصل في الحكم والتشريع، والرسول حاكم لأن الله أراد له ذلك، وقبل حكمه وقرره، وأمر بطاعته، فكان حكم الرسول حكما شرعيا، يكشف عنه كشف العلم عن معلومه، لا كشف الدليل عن مدلوله فليس معنى (أطيعوا الرسول) أن الله تعالى جعل سنة الرسول موصلا إلى الحكم الشرعي بمعنى جعله وسطا لإثباته، بل كلامه هو بنفسه حكم شرعي.
بين السنة والحديث في الحجية:
وأما كيف نتوصل إلى السنة؟
فبما أن السنة - كما فسرناها - إنما هي الشريعة الإسلامية المتلقاة من
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»