ولا بد أن نذكر - أخيرا - بأن رواية " وسنتي " لا يمكن أن تكون ذات أصل، ولا ثابتة، لأن مصطلح " الثقلين " بمعنى: " الكتاب والعترة " هو الذي ثبت بوضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم له، وتعريفه به حتى استقر في عرفه وعرف المسلمين، وانتقل إلى اللغويين وسجل في كتبهم ومعاجمهم.
بينما لا أثر للثقلين: " الكتاب والسنة " في شئ من كتب اللغة قديمها ولا حديثها، مما يزيف تلك الرواية الباطلة، ويفند تلك المحاولة الزائلة.
السنة:
والكلمة الثانية التي لا بد من معرفة المراد منها في عنوان البحث، هي " السنة ".
فهي لغة: الطريقة، حسنة كانت أو سيئة، وعلى هذا جمهور أهل اللغة (1) وتطلق أيضا في العرف العام: على الأمر الذي يتبع من قبل جماعة بحيث يصبح عادة لهم وديدنا، يمشون عليه، ويستمرون فيه، وتنسب إلى صاحبها، وهو أول من خطط لها واخترعها، فيقال: " سنة فلان " أي طريقته التي وضعها والتزم بها، في ما إذا تبعه عليها جمع آخرون، فاتخذوه مثالا يداومون على طريقة عمله، ويقتدون به، والواضع الأول هو: إمام تلك السنة. وعلى هذا المعنى قال لبيد:
" ولكل قوم سنة وإمامها " (2) والمعنى: أن لكل قوم سنة، ولكل سنة إمام من القوم أيضا، فالإمام هو الشخص الواضع للسنة، وهو المقتدى لقومه في سنته، وهذا المعنى هو مقتضى