الثقلان - السيد محسن الحائري - الصفحة ٢٨
ولا بد أن نذكر - أخيرا - بأن رواية " وسنتي " لا يمكن أن تكون ذات أصل، ولا ثابتة، لأن مصطلح " الثقلين " بمعنى: " الكتاب والعترة " هو الذي ثبت بوضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم له، وتعريفه به حتى استقر في عرفه وعرف المسلمين، وانتقل إلى اللغويين وسجل في كتبهم ومعاجمهم.
بينما لا أثر للثقلين: " الكتاب والسنة " في شئ من كتب اللغة قديمها ولا حديثها، مما يزيف تلك الرواية الباطلة، ويفند تلك المحاولة الزائلة.
السنة:
والكلمة الثانية التي لا بد من معرفة المراد منها في عنوان البحث، هي " السنة ".
فهي لغة: الطريقة، حسنة كانت أو سيئة، وعلى هذا جمهور أهل اللغة (1) وتطلق أيضا في العرف العام: على الأمر الذي يتبع من قبل جماعة بحيث يصبح عادة لهم وديدنا، يمشون عليه، ويستمرون فيه، وتنسب إلى صاحبها، وهو أول من خطط لها واخترعها، فيقال: " سنة فلان " أي طريقته التي وضعها والتزم بها، في ما إذا تبعه عليها جمع آخرون، فاتخذوه مثالا يداومون على طريقة عمله، ويقتدون به، والواضع الأول هو: إمام تلك السنة. وعلى هذا المعنى قال لبيد:
" ولكل قوم سنة وإمامها " (2) والمعنى: أن لكل قوم سنة، ولكل سنة إمام من القوم أيضا، فالإمام هو الشخص الواضع للسنة، وهو المقتدى لقومه في سنته، وهذا المعنى هو مقتضى

(١) لاحظ مادة (سنن) في معاجم اللغة، مفردات غريب القرآن للراغب ولسان العرب لابن منظور، والقاموس للفيروزآبادي، وتاج العروس للزبيدي.
(2) تفسير الطبري (4 / 65).
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»