وبين فقهاء المذهب الواحد، في كثير من المسائل الشرعية، وعلى ذلك فليست هذه كلها من السنة، ولا من الشريعة، والمفروض أن أخبار الآحاد لا يستدل بها على الشرع، فلا يبقى من الدين سوى مسائل عديدة جاءت في القرآن، أو اتفقت عليها كلمة الأمة؟
وينطوي هذا على مبلغ من الخطورة ما يساوي الموجود في إنكار أصل السنة وحجيتها؟ والمفروض بطلانه، كما سبق!
والجواب عن هذا:
إن أداء هذا القول إلى إنكار السنة، إنما يمكن فرضه إذا لم نحدد مصدرا " للسنة " جامعا للمواصفات والشروط التي التزمناها في السنة، ولكن المفروض أنا قد حددنا وبالدقة التامة المصدر الجامع للسنة الجامعة لشرائط الحجية، وبإرشاد من الكتاب الكريم، والرسول العظيم، في حديث الثقلين، وهم " عترة الرسول وأهل بيته " كما قلنا.
فالسنة، الصحيحة القطعية، التي تتكون منها الشريعة، موجودة عندهم، ومحفوظة لديهم، ومنقولة عنهم بأيد أمينة وألسنة صادقة، ومدونة ومسجلة، والحمد لله في كتب التراث عندهم.
وأما وجود الاختلاف في الشريعة بين المذاهب، وبين أهل المذهب الواحد، فليس مدعاة إلى ما فرض من إنكار حجية السنة، لأن من المعلوم كون الاختلاف أمرا طارئا، على أثر إهمال الطرق الصائبة، واتباع الأهواء والآراء، ووضع النصوص، واعتماد الآحاد في أخبارها، والإعراض عن العلم وأهله، ولا شك أن مثل هذا التعتيم لا يؤدي إلى انطفاء نور الله المحفوظ عند أهله.
ولا ريب أن مثل ذلك التعتيم إنما كان ولا يزال من فعل أعداء الدين والشرع