الثقلان - السيد محسن الحائري - الصفحة ٣٠
أطلقت في الشرع، فإنما يراد بها: ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونهى عنه وندب إليه قولا وفعلا مما لم ينطق به الكتاب العزيز (1).
وبهذا المصطلح يقترن بما جاء في الكتاب من الأحكام - غالبا - فيقال: " جاء في الكتاب والسنة " وبهذا المعنى أيضا يقابل ب‍ - " البدعة " في أكثر الموارد.
أقول: وهذا المصطلح، هو المعنى المستعمل في روايات الأئمة المعصومين عليهم السلام، وهو الجاري في عرف جميع فقهاء الأمة، بل حتى القدماء المحدثين، حيث ميزوا بين السنة وبين الحديث، فقد نقل عن ابن مهدي قوله: سفيان الثوري إمام في الحديث، وليس بإمام في السنة، والأوزاعي إمام في السنة وليس بإمام في الحديث (2).
فسفيان الثوري محدث، والأوزاعي فقيه.
وهذا الأثرم، أحمد بن هاني، أبو بكر الإسكافي [البغدادي] المحدث، الفقيه الحنبلي له كتاب السنن في الفقه على مذاهب أحمد وشواهده من الحديث (3).
فقد جعل عنوان كتابه " السنن في الفقه " وجعل الحديث أدلة عليها وهو صارخ في التمييز بين " السنة " في عرفهم بالأحكام الفقهية، ويدل على أن إطلاق السنة على الحديث أمر متأخر، ومبتن على المساحمة، كما سيأتي.
ومرادنا من " السنة " في عنوان البحث هو المعنى الفقهي المذكور وهو المعروف عند الأئمة عليهم السلام بل لم نجد استعمالهم اسم السنة إلا بهذا المعنى وقد جاء بذلك في عرف الفقهاء.
ونحددها بالدقة بقولنا: " ما ثبت من الدين عن المعصوم عليه السلام ولو استنباطا،

(١) لسان العرب (سنن).
(٢) تنوير الحوالك شرح موطأ مالك (١ / ٣) وانظر مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (١٤ / ٣٢).
(٣) الفهرست للنديم (ص 285) المقالة السادسة، الفن السادس، أخبار فقهاء أهل الحديث.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»