و " السنة " التي فسرناها هي من قبيل " الكتاب " في الحجية، إذ المفروض أنها:
الأحكام الشرعية الثابتة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي ثبتت رسالته بالأدلة العقيدية، فما حكم به فهو حكم الله الذي أرسله، وحاكميته نابعة من حاكمية الله، فما سنه حكم وشريعة، وحجة: يجب العمل بها، والحركة على وفقها، وقاطعة للعذر، وموجبة للغلبة على الخصم، بذاتها وبالاستقلال.
وبما أن الرسالة نفسها من أصول الدين، ولا بد من الوصول إليها باليقين وبالأدلة العلمية التي لا يشوبها التقليد والظن والتخمين، فإن الأدلة القائمة عليها هي كافية لرفع الالتزام بها إلى مستوى " العلم "، وذلك هو بمعنى العلم بحاكمية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكون ما يسنه " تشريعا " يجب اتباعه كالقرآن الذي أتى به عن الله تعالى، وهذا مرادنا من حجيته الذاتية.
فالحجج الذاتية للتشريع الإسلامي، هي:
الكتاب، أي القرآن الكريم، الذي انصاع البشر لبلاغته المعجزة الخارقة في أداء أعمق المعاني وأوفقها للعقل والوجدان والضمير، بأفصح الكلمات وأنصع الألفاظ وأبلغ الجمل وأجملها مما أذهل أمهر العرب في الفنون اللفظية، وأقوى المقننين في الفنون التشريعية، وأوسع المحققين في الفنون الطبيعية بما لم يسبق ولم يلحق له مثيل في الحضارات، مضافا إلى كونه كتاب دين ومواعظ واحتوائه على الحكم الفريدة الموافقة للفطرة السليمة والعدل والإنصاف، والطرائق المقبولة عند عامة البشر.
وسنة الرسول، المحتاج إلى وجودها في إبلاغ الرسالة ووحيها الكتاب المبين، وتفسير آيات الكتاب ونشرها، وهو المعصوم، المختار من قبل الله لأداء المهمة العظيمة في الأرض، بالرسالة الخاتمة.
وتتبعها الإمامة من بعد وفاة الرسول، التي تؤدي مؤداها في إبلاغ الشريعة