الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهي إحدى أهداف الرسالة المحمدية العظمى، فلا بد أن يكون الدليل عليها في وجودها واستمراريتها من سنخ الدليل على نفس الرسالة، من الدليل القطعي، لا من الدليل الظني، بل يمكن القول بأن السنة هي الهدف الثاني بعد الكتاب، من أصل الرسالة والرسول، حيث أنهما يكونان الشريعة الإسلامية، التي بلغها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، تارة بلغة الوحي المباشر في كتاب الله المعجز، وأخرى بلغته هو الذي كان " وحيا " غير مباشر، ولم يقصد به الإعجاز اللفظي، وإن كان أيضا " إعجازا تشريعيا ".
وخلود السنة، كخلود القرآن، يقتضي ثبوتهما بالطرق العلمية القطعية، التي لا يعتريها الاحتمال والريب.
ثم إن اقتران: الكتاب والسنة، في مصدرية التشريع يقتضي كذلك، لزوم تساويهما في القطعية، وإلا لم يتكافئا ولم يتساويا.
ولا ريب في كون الكتاب العزيز القرآن الكريم، قطعيا بين المسلمين، بما بين الدفتين، نصا وحجية، بما لا يختلف في ذلك من اعتقد بالدين الإسلامي، من الفرق والمذاهب كافة، لثبوت ذلك بالتواتر القاطع لكل ريبة وشبهة، فلا بد أن تكون السنة قطعية كي تحقق الهدف الإلهي من وجودها، وهو تكوين الشريعة الإسلامية الخالدة، كالقرآن الكريم، بعيدة عن الأسس الظنية والمشبوهة والمحتملة.
ومن هنا فإنا نعتقد أن السنة لها قدسية القرآن، باعتبارها معبرة - على لسان الرسول - عن الإرادة الإلهية، في تكوين الشريعة الإسلامية، التي " رضيها الله للناس دينا " (1).