وقد نصت هذه الرواية - التي نقلت بالتواتر - على الأرض خاصة، لذلك لا بد أن تكون مشتملة على خاصية ما، وإلا لو جازت السجدة على كل شئ لما كان هناك دليل يجعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخص الأرض بالذكر. وعليه فأقل ما تفيده الرواية عدم جواز السجود على كل شئ، ولا يمكن التمسك بأي دليل الا بمدى دلالته على صحة السجود على أي شئ آخر غير الأرض، ولا يجزي السجود على سائر الأشياء المشكوكة.
بعبارة أخرى، لا يمكن ان يكون السجود صحيحا على كل شئ، وإلا فان تخصيص الأرض بالسجود سيكون لغوا.
فان قيل: المقصود من " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " هو ان العبادة في الاسلام تعم جميع الأرض وليست مقتصرة على الدير والكنائس، كما عليه الحال بالنسبة لليهود والنصارى من اقتصارهم في المعابد. وعليه فليست هناك من علاقة بين هذا الحديث الشريف ومسألة السجدة.
نقول: ان استفادة هذا المعنى لا تتنافى ودلالة الرواية على خصوصية الأرض في السجود وعدم جوازه على كل شئ آخر. وذلك لان المعنى المذكور - أي الشمولية في العبادة - في طول المعنى الأول وملازم له؛ لان الأرض إذا كانت صالحة برمتها للسجود (اي سجود الصلاة بقرينة ذكر الطهور بعده) فانه يمكن إقامة الصلاة في أية بقعة من الأرض والانشغال بالعبادة فيها. ولذلك اعتبر كبار علماء العامة كون المقصود من المسجد في الحديث الشريف هو موضع السجود معنا