التشيع من رئي التسنن - السيد محمد رضا المدرسي اليزدي - الصفحة ١٩٧
غير أن أفضل توجيه لجر " قدير " هو عطف التوهم الذي أشار اليه " ابن هشام " أيضا (1).
ولبيان وجه عطف التوهم لا بد من مقدمة مختصرة، وهي ان " اسم الفاعل " إذا كان بمعنى الماضي فانه يقع مضافا اى لا يمكن له ان ينصب، كما قال " ابن مالك ":
كفعله اسم فاعل في العمل * إن كان عن مضيه بمعزل ولم يخالف في هذه المسألة سوى " الكسائي " وأقل ما يمكن قوله ان المتبادر هو الإضافة; لا العمل.
اذا فهنا وطبقا للقاعدة لا بد ان يضاف " منضج " - وهو اسم الفاعل - إلى " صفيف "، لانه يخبر عن الماضي بقرينة وجود الفعل اى فظل (2) ولا يمكنه ان يعمل في معموله (صفيف) وينصبه، بل لا بد ان يضاف اليه، فتكون العبارة: " منضج صفيف شواء "، الا انه لم يضف بل عمل ونصب " صفيف " مراعاة لوزن الشعر سيما بالالتفات إلى البيت الذي سبقه.
ولذلك حيث كان من المناسب ان يكون " صفيف " مجرورا بالإضافة، ولم يجر، جيىء ب‍ " قدير " المعطوف عليه مجرورا، وهذا هو معنى " عطف التوهم ".
فتبين مما سبق ان احتمال الجر بالجوار لا يمكن الاعتناء به. (3)

1. مغني اللبيب، ج 2، الباب الرابع، ما افترق فيه اسم الفاعل والصفة المشبهة، ص 600.
2. " ظل " من أخوات كان، مثل صار، كان، أصبح،... من الافعال الناقصة (المنقح).
3. الشاهدان الآخران:
الف) شعر النابغة:
لم يبق الا أسير غير منفلت * وموثق في حبال القد مجنوب بجر " موثق " مع انه معطوف على " أسير " وطبق القاعدة لا بد ان يرفع الا انه جر.
ب) ما ورد من شعر في " بداية المجتهد " وقد نسبت لزهير:
لعب الزمان بها وغيرها * بعدي سوافي المور والقطر ف‍ " قطر " مجرورة مع انها فاعل " غيرها " ولا بد ان تكون مرفوعة.
وللإجابة على ذلك نقول: على فرض ثبوت الجر بالجوار في هذين الموضعين; الا ان ذلك لا يخرجه عن الشواذ، إضافة لعدم العلم بان شعر النابغة روي بالجر ولم تكن هناك ضرورة شعرية دعت لهذا الجبر، أضف إلى ذلك فان كبار النحويين كابن هشام لم يستشهدوا بهذين البيتين كدليل على العطف بالجوار.
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست