فماذا سيقول ابن عباس لو سمع كلام ابن تيمية وهو يبرئ يزيد من كل إثم حتى أنه ليقول: ويزيد لم يسب نساء أهل البيت ولكن أكرمهن؟!!
وأعجب من هذا قوله في أثناء دفاعه عن يزيد ما نصه: (وأن يزيد ظهر في داره الندب لقتل الحسين، وأنه لما قدم عليه أهله وتلاقى النساء تباكين، وأنه خير ابنه عليا بين المقام عنده والسفر إلى المدينة، فاختار السفر إلى المدينة فجهزه إلى المدينة جهازا حسنا)!! (رأس الحسين - 207).
فدليله على براءة يزيد أنه ظهر في داره الندب لقتل الحسين، فكيف ظهر هذا الندب؟! يقول: (لما قدم عليه أهله وتلاقى النساء تباكين، فبكاء النساء دليل على براءة يزيد!!
وبعد، لاحظ قوله: (لما قدم عليه أهله) يعني لما قدم أهل الحسين على يزيد، فهل سأل نفسه كيف قدموا على يزيد إن لم يكن هو الذي جلبهم كسبايا حرب؟! هل قدموا عليه رغبة منهم وشوقا لرؤية يزيد؟! أم قدموا مصطافين فأحبوا زيارته؟! أرأيت استخفافا بالإسلام وأهله وتاريخه كهذا؟!
كل هذا في حفظ كرامة (السلطان القائم) على سنة بني إسرائيل!
إنه منطق لا يشبه في شئ منطق الأحرار الذين يعرفون معنى الكرامة ويفهمون ماذا يعني انتصار القيم. ولا يشبه حتى منطق المستشرقين من النصارى الذين أدركوا شيئا من قيم الإسلام وأخلاق النبي الكريم، وإن لم يتحلو بها! فنهضة الحسين عليه السلام ليست للمؤمنين وحدهم، بل هي لبني الإنسان حيث كان، وما من إنسان تحلى بطرق من مكارم الأخلاق، إلا وهو يجد في تلك النهضة مثلا أعلى في تاريخ بني الإنسان.