(فكل صفة من تلك الصفات العلوية التي بها الإنسان إنسان، وبغيرها لا يحسب غير ضرب من الحيوان السائم، فهي مقرونة في الذاكرة بأيام الحسين عليه السلام...
وليست في نوع الإنسان صفات علويات أنبل ولا ألزم من الإيمان والفداء والإيثار ويقظة الضمير وتعظيم الحق ورعاية الواجب والجلد في المحنة والأنفة من الضيم والشجاعة في وجه الموت المحتوم.. وهي ومثيلات لها من طرازها هي التي تجلت في حوادث كربلاء يوم نزل بها ركب الحسين، ولم تجتمع كلها ولا تجلت قط في موطن من المواطن تجليها في تلك الحوادث.. وقد شاء القدر أن تكون في جانب منها أشرف ما يشرف به أبناء آدم.. لأنها في الجانب الآخر منها أخزى ما يخزى به مخلوق من المخلوقات.
إنهم آثروا جمال الأخلاق على متاع الحياة.. فهم اليوم مزار يطيف به المسلمون متفقين ومختلفين, ومن حقه أن يطيف به كل إنسان لأنه عنوان قائم لأقدس ما يشرف به هذا الحي الآدمي). (عباس محمود العقاد: أبو الشهداء الحسين).
إنها نهضة اليقين الذي لا يحده حد, ولا يدنو من سمائه شك.. نهضة بلغت فيها مبادئ السماء وسنن الأنبياء ومعالي الأخلاق قمة ازدهارها، فمجدها كل من عاشت تلك المعاني بين جنبيه، أو أحبها.
نهضة أزرت على مبادئ تنتهي عند البطون وراحة الأبدان، فأثارت من هذا همه فنقموا منها!
فليقرأ هذا كل مسلم ويتمعن به، ويحكم على هذا الرجل الذي شمر عن ساعديه لتبرير أعمال الجناة والفسقة من أمثال يزيد ومروان، بغضا لعلي وآل علي عليهم السلام.
* *