الشخص الذي ارتكب في مدينة الرسول ما لم يفعله حتى المغول! ما الذي يحجزه عن قتل الحسين؟! ألم يرث من أسرته ذاك العداء التاريخي لأسرة الحسين؟! ألم ينشأ وملء أذنيه لعن علي والحسن على منابر أبيه، ثم كان ذلك ملء فيه منذ تعلم الكلام، فأمضاه على منبره سنة يتعبد بها كل يوم مرات؟! وبالأمس كان أبوه قد اغتال الحسن أخ الحسين بالسم، وحارب عليا أبا الحسين بسيفه ولسانه حتى هلك، وجده أبو سفيان كان شيخ المحاربين لجد الحسين صلى الله عليه وآله، وجدته هند حالها لا يخفى!
فالجد أبو سفيان، والجدة هند، والأب معاوية، والابن يزيد، والابن شر الأربعة بلا خلاف، فلم ينسب إليه أحد شعرة من دين كانت تنسب لأبيه أو جده وحتى جدته، بصدق أو بمين. فمن يستنكر إقدام يزيد على قتل الحسين عليه السلام؟!
ولقد كان مروان بن الحكم الذي هو فضض من لعنه نبي الله، كما وصفته أم المؤمنين عائشة (الكامل في التاريخ 4 - 507) هو الآخر خيرا من يزيد، ولقد قال لوالي المدينة حين دعا الحسين ليأخذ منه البيعة ليزيد: أشدد يدك بالحسين فلا يخرج حتى يبايع، فإن أبى فاضرب عنقه! (الإمامة والسياسة - 175، الكامل في التاريخ 4 - 15، تاريخ اليعقوبي 2 - 241). وفوق هذا المعلوم من أمره شهادة عبيد الله بن زياد واليه على قتل الحسين: عاش عبيد الله بن زياد بعد موت يزيد، فاضطربت عليه الأحوال في العراق فخرج إلى الشام ومعه مئة رجل من الأزد يحفظونه، وفي بعض الطريق رأوه قد سكت طويلا، فخاطبه أحدهم ويدعى مسافر بن شريح اليشكري فقال له: أنائم أنت؟ قال: لا، كنت أحدث نفسي! قال له مسافر: أفلا أحدثك بما كنت تحدث به نفسك؟