والإخافة والتهدد والرهبة، وهو يعلم سفهه، ويطلع على خبثه ورهقه، ويعاين سكراته وفجوره وكفره، فلما تمكن منه ما مكنه منه ووطأه له وعصى الله ورسوله فيه، طلب بثارات المشركين وطوائلهم عند المسلمين، فأوقع بأهل الحرة الوقيعة التي لم يكن في الإسلام أشنع منها ولا أفحش مما ارتكب من الصالحين فيها، وشفى بذلك عبد نفسه وغليله، وظن أن قد انتقم من أولياء الله، وبلغ النوى لأعداء الله، فقال مجاهرا بكفره، ومظهرا لشركه:
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل قد قتلنا القرم من ساداتهم وعدلنا ميل بدر فاعتدل فأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا: يا يزيد لا تشل لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل * وفي تفسير الميزان للطباطبائي: 18 / 208:
وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبد الله قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال: إن الله قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيا حسنا، وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: أهرقلية؟ إن أبا بكر والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية إلا رحمة وكرامة لولده! فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه: أف لكما؟ فقال عبد الرحمن: ألست ابن اللعين الذي لعن أباك رسول الله؟! قال وسمعتها عائشة فقالت: يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا؟ كذبت والله ما فيه نزلت، نزلت في فلان بن فلان.