وموضوع موت الحسن بن علي قبل معاوية, ودعوى الشيعة بأن معاوية قد قتله بالسم.. هذا الموضوع يعالجه القاضي أبو بكر بن العربي، فيقول: هذا محال من وجهين:
أحدهما: أنه ما كان ليتقي من الحسن بأسا, وقد سلم الأمر له.
والثاني: أنه أمر مغيب لا يعلمه إلا الله.. فكيف تحملونه بغير بينة على أحد من خلقه في زمان متباعد. (منهاج السنة 2 / 225).
ومن هذا النص يمكن أن ندرك ما يرمي إليه القاضي ابن العربي: وهو أن الخلاف الدائم بين العلويين والأمويين أتاح لأصحاب الهوى أن يخترعوا ما يثيرون به شعور الجماهير ضد بني أمية، وقد أعانهم على ذلك نشاط حركة تدوين التاريخ في ظل العباسيين, الذين كان لهم حظ في إظهار بني أمية بمظهر المعتدين على العلويين في صورة ظالمة.
ونحن نجد أن الإمام ابن تيمية قد قال فيما يتعلق بذلك: لم يثبت ذلك ببينة شرعية ولا إقرار معتبر ولا نقل يجزم به... وهكذا لا يمكن العلم به، فالقول به قول بلا علم. (العواصم من القواصم - ص 214).
ولعل مما يدحض هذه التهمة, أن الحسن كان قد أسلم لمعاوية هذا الأمر بإخلاص, حين أدرك أن الفتنة تطل برأسها، وأنه سيخوض بحار من الدماء في سبيل غاية قد لا تتحقق.. ولعله قد تذكر قول جده (ص): (إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان). صحيح مسلم 6 / 22. ومن أولى الناس بالمبادرة بحديث رسول الله من أحفاده: الحسن والحسين؟؟ هذا احتمال.