قلت: قوله هذا يخالف فهم الصحابة رضي الله عنهم، وهم أعرف وأفهم من غيرهم، كيف لا وهم قد حضروا التوسل بالعباس وهم عرب لم تدخلهم عجمة، فالفرق بين فهمهم وفهم مخالفهم كالفرق بين الأبيض والأسود، فالقول قولهم والصواب حليفهم ولا يرضى العاقل بغير فهمهم لو أراد الإنصاف! وممن فهم أن التوسل بالعباس هو توسل به لا بدعائه حسان بن ثابت حيث قال:
سأل الأنام وقد تتابع جدبنا * فسقى الغمام بغرة العباس عم النبي وصنو والده الذي * ورث النبي بذاك دون الناس أحيا الإله به البلاد فأصبحت * مخضرة الأجناب بعد الياس وصحابي آخر هو عباس بن عتبة بن أبي لهب فقال:
بعمى سقى الله الحجاز وأهله * عشية يستسقى بشيبته عمر توجه بالعباس في الجدب راغبا * إليه فما رام حتى أتى المطر ومنا رسول الله فينا تراثه فهل * فوق هذا للمفاخر مفتخر فالأبيات السابقة تصرح بأن التوسل كان بالعباس، ومن يحاول أن يصرف اللفظ هنا عن ظاهره يكون قد كذب على صاحبي الأبيات رضي الله عنهما، واتبع هواه.
5 - وعليه فإن قول بعضهم: إن الكلام ليس على ظاهره ولا بد من تقدير مضاف محذوف في قول عمر (وإنا نتوسل إليك بعم نبينا)، أي بدعاء عم نبينا، قولهم هذا فيه صرف للنص عن ظاهره ولا دليل معهم إلا شبه متخيلة، فالواجب والحالة هذه إبقاء النص على ظاهره ذلك أن الحذف يكون على خلاف الأصل والواجب العمل بالأصل وتجد المخالف يقول: أراد عمر بدعاء