الانتصار - العاملي - ج ٥ - الصفحة ٣٥٣
2 - لو كان الترك يدل على التحريم، فإن الصحابة قد تركوا التوسل المتفق على جلالته وفضله، وهو التوسل بأسماء الله وصفاته وهم مضطرون غاية الاضطرار لحال الشدة والقحط. كما يعلم من استسقاء عمر رضي الله عنه.
3 - إن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وإنا نتوسل إليك بعم نبينا لا يخرج عن كونه توسلا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال العباس في دعائه: (وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك)، ولذلك قال عمر بن الخطاب (بعم نبيك)، ولم يقل بالعباس، وكان الأحرى بعمر في شدة الضيق أن يتوسل بمن هو أفضل من العباس من الصحابة وهم متوافرون، ولكن عمر قال: (واتخذوه وسيلة إلى الله)، فلم يعدل عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، فتوسل عمر بالعباس رضي الله عنهما فيه إرضاء للنبي صلى الله عليه وسلم في الحين والاقتداء به في إكرام عمه، واتخاذه وسيلة لقربه، ثم مع هذا رجاء دعائه لصلاحه.
قال الحافظ في الفتح (2 - 47): ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة، وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس، ومعرفته بحقه. ا ه‍.
أما قول الألباني في توسله (ص 68): لو صحت هذه الرواية، فهي إنما تدل على السبب الذي من أجله توسل عمر بالعباس دون غيره من الصحابة الحاضرين حينذاك، وأما أن تدل على جواز الرغبة عن التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم لو كان جائزا عندهم إلى التوسل بالعباس أي بذاته، فكلا، ثم كلا، لأننا نعلم بالبداهة والضرورة - كما قال بعضهم - أنه لو أصاب
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 359 ... » »»
الفهرست