الأبدان فيما لم يشرعه الله ولا رسوله ولا عمله الخلفاء الراشدون ولا الصحابة ولا المسلمون في الثلاثة قرون المفضلة ولا التابعون بإحسان، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، ثم يأتي أناس في القرن الرابع الهجري فيحدثون تلك البدعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم) ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له، من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا، مع اختلاف الناس في مولده.
فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي عليه له منا وهم على الخير أحرص، وإنما كانت محبته تعظيما في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته ظاهرا وباطنا، ونشر ما بعث به والجهاد في ذلك بالقلب واللسان واليد.
وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حرصاء على هذه البدع تجدهم فاترين في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أمروا بالنشاط فيه، وإنما هو بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتبعه. انتهى.
إن بدعة المولد التي تقام في شهر ربيع الأول في الليلة الثانية عشرة منه ليس له أساس من التاريخ، لأنه لم يثبت ولادة النبي صلى الله عليه وسلم كنت في تلك الليلة، وقد اضطربت أقوال المؤرخين في ذلك فبعضهم زعن إن ولادته في اليوم الثاني من الشهر، وبعضهم في الثامن وبعضهم في التاسع وبعضهم في العاشر وبعضهم في الثاني عشر وبعضهم في السابع عشر وبعضهم قال في الثاني والعشرين. فهذه أقوال سبعة ليس لبعضها ما يدل على رجحانه على الآخر فيبقى تعيين مولده صلى الله عليه وسلم من الشهر مجهولا. إلا أن بعض المعاصرين حقق أنه كان في اليوم التاسع.