والتذلل، مثل خضوع الجندي أمام قائده، والتلميذ لأستاذه، ولا يمكن أن يجترأ إنسان ويصف عملهم هذا بالعبادة، فقد أمرنا الله تعالى باضهار (كذا) الخضوع والتذلل للوالدين، قال تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) والخفض هنا كناية عن الخضوع الشديد، فلا يمكن أن نسمي هذا العمل عبادة بل إن شعار المسلم هو التذلل والخضوع للمؤمن والتعزز على الكفار قال تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكفار) وإذا كان التذلل عبادة يكون قد أمر الله تعالى المؤمنين أن يعبدوا بعضهم البعض، وهذا محال.
وهناك آيات أكثر وضوحا في هذا الأمر، وتنفي تماما ما ادعته الوهابية، منها سجود الملائكة لآدم عليه السلام، والسجود هو أعلى مراتب الخضوع والتذلل. قال تعالى: (إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم..) فإذا كان السجود لغير الله سبحانه وإظهار قمة الخضوع والتذلل عبادة كما تدعي الوهابية فيتحتم عليها أن تسمي الملائكة والعياذ بالله مشركين كفارا، وأن تسمي آدم طاغوتا، فما لهم لا يتدبرون القرآن؟ أم على قلوبهم أقفالها؟
ومن هذه الآية نعرف أن قمة الخضوع ليس عبادة، ولا يعترض معترض بقوله إن السجود ليس بمعناه الحقيقي، أو أن المقصود من السجود لآدم (ع) هو جعله قبلة - كما يجعل المسلمون الكعبة المشرفة قبلة - فإن كلا الاحتمالين باطل، لأن السجود الظاهر من الآية هو الهيئة المتعارفة. ولا يجوز صرفه إلى غيره من المعاني، وأما كونه قبلة فهذا تأويل من غير مصدر ولا دليل، كما أن السجود لآدم (ع) لو كان معناه أن آدم (ع) كان قبلة لما