الانتصار - العاملي - ج ٥ - الصفحة ٣١٤
مناقشة مفهوم الوهابية في مناط مفهوم العبادة:
اعتبرت الوهابية أن مطلق الخضوع والتذلل والتكريم عبادة، فكل من يخضع أو يتذلل لشئ يعتبر عابدا له، فمن يخضع ويتذلل لنبي من أنبياء الله تعالى أو ولي من أوليائه بأي شكل من أشكال الخضوع يكون عابدا له، وبالتالي مشركا بالله تعالى، فالذي يسافر ويقطع المسافات من أجل زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يقبل ضريحه الطاهر ويتمسح به تبركا يعتبر كافرا مشركا، وكذلك الذي يبني المشاهد والقبب على الأضرحة لتكريمها وتعظيمها.
يقول بن عبد الوهاب في إحدى رسائله فمن قصد شيئا من قبر أو شجر أو نجم أو نبي مرسل لجلب نفع أو كشف ضر فقد اتخذ إلها من دون الله، فكذب بلا إله إلا الله، يستتاب وإلا قتل، وإن قال هذا المشرك: لم أقصد إلا التبرك وإني لأعلم أن الله هو الذي ينفع ويضر، فقل له: إن بني إسرائيل ما أرادوا إلا ما أردت، كما أخبر الله تعالى عنهم أنهم لما جاوزوا البحر أتوا على قوم بعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آله فأجابهم بقوله (إنكم قوم تجهلون) (عقائد الإسلام لمحمد بن عبد الوهاب ص 26).
ويقول في رسالة أخرى: أيضا من تبرك بحجر أو شجر أو مسح على قبر أو قبة يتبرك بهم فقد اتخذهم إلها.
لكي يتضح لنا الخلط الذي ارتكبته الوهابية لا بد لنا أن ننقض هذه القاعدة التي اعتمدوها مقياسا في معرفة العبادة، وهو الخضوع والتذلل والتكريم . لا يمكن شرعا وعقلا حمل مطلق الخضوع والتذلل على العبادة، فنحن نرى كثيرا من الأمور التي يمارسها الإنسان في حياته الطبيعية، يتخللها الخضوع
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»
الفهرست