أسبابنا توجهنا إلى خالق الأسباب ومسببها، لقد أمر الله تعالى مريم البتول عليها السلام حينما أجاءها المخاض إلى جذع النخلة أن تهز بجذعها لتسقط عليها رطبا! فهل رأيت إنسانا هز نخلة من قبل لتسقط عليه رطبا؟! ناهيك عن هذه المرأة الضعيفة وهي بعد في أضعف حالاتها بين آلام الوضع! إنه الأخذ بالأسباب (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى)!
ما هي معالم التوحيد في الإسلام؟ ما هي مدلولات لا إله إلا الله التي حاربها ويحاربها الناس؟ إنها لربط الإنسان مطلقا بخالقه وإخراجه من عبودية غيره، إن لا إله إلا الله لا تعني فقط لا خالق إلا الله، فهذه يعرفها حتى الذين يحاربون الإسلام! إن لها أبعادا لم يألفها البشر إلا في مناهج الرسل التي دأب البشر على تحريفها وتشويهها بما ينسجم مع تصوراتهم المادية المحدودة، فاخترعوا الوسطاء بين الله وبين خلقه! وما قصة قوم نوح إلا مثالا واضحا عن كيفية تحول فئة من أولياء الله ك (ود) و (يغوث) و (يعوق) و (نسر) إلى آلهة تعبد وترتجى من دونه مع تعاقب الأجيال، ودونكم تصورات النصارى وعقائدهم في بنوة المسيح التي اخترعها لهم (بطرس) لتماشي عقائد الرومان في الآلهة!
لا إله إلا الله تعني لا معبود في الكون بحق إلا الله، لا رازق إلا الله، لا مدبر إلا الله.. لا نخشى إلا الله، لا نتوكل إلا على الله، لا نرجو إلا الله، لا نخاف إلا الله.. لا نبكي إلا لله، رهبة منه ورغبة إليه.. لا نلجأ إلا إليه، ولا نتضرع إلا إليه.. لا نرفع أكفنا بالدعاء إلا إليه، فنقول يا رب أغثنا وأدركنا بلطفك، ولا نرفع أيدينا فنقول (يا علي أدركنا)! لا نرفع أيدينا لغيره، لا لأنبيائه ولا لأوليائه! لأن حقهم علينا ليس دعاءهم والاستغاثة بهم